الأربعاء، 15 أبريل 2009

أعمدةتداول القيادة في التنظيمات السياسية
يتردد مصطلح التداول السلمي للسلطة دوماً كإحدى خصائص النظم الديمقراطية المعاصرة، وهو أيضاً مطلب لا تفتأ القوى المعارضة من المطالبة به كأحد استحقاقات الديمقراطية الحقيقية. والغاية النهائية هي الحد من احتكار السلطة وهيمنة قوى بذاتها على رقاب ومصالح العباد وبقائها في السلطة لآجال طويلة من دون تغيير مما يخشى منه تفشي الدكتاتورية. ولعل الوقت قد آن لأن يعمم استخدام مفردة التداول في أدبيات التنظيمات السياسية، والمقصود تحديداً هو تداول القيادة في هذه التنظيمات. فهناك شواهد كثيرة على قيادات رمزية احتكرت سلطة صنع القرار وتعاملت مع التنظيمات كملكيات شخصية توجهها كيفما تشاء، فهي تملك السلطة والقوة المطلقة والتي إن لم تحد وتقيد وتحاسب وتراقب سوف ينتهي بها الأمر إلى الاستبداد والدكتاتورية. وغالباً ما تصبح هذه التنظيمات مرتبطة بشخص القيادة، مستمدة منه شرعية وجودها وقوتها، وبمعنى آخر تتم شخصنة المؤسسة واختزالها في شخصية القيادة، مبتعدة بذلك عن العمل المؤسسي أو مؤسسية التنظيم التي تكفل لها الفاعلية والقدرة على الاستمرار لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. وبحسب المفكر صامويل هنتغتون فإنه توجد أربعة معايير تقاس بها مدى مؤسسية التنظيمات، وهي التكيف والتعقيد والاستقلال والتماسك. ويعنى بالتكيف قدرة التنظيم على مواجهة التحديات التي تواجهها بفاعلية ونجاح، مستخدمة طرقاً إبداعية وابتكارية تتناسب مع نوع هذه التحديات وحجمها، وهي غالباً ما تقوض أركانها إذا لم تكن مهيأة للتعامل والتكيف معها. ويرى هنتغتون أن قدرة التكيّف تتناسب طردياً مع عمر التنظيم الزمني والجيلي (نسبة للجيل). فالعمر الزمني يقاس بسنوات وجودها الفعلي وممارستها لأنشطتها، أما عمرها الجيلي فهو مرتبط بقدرتها وحرصها على خلق صف من القيادات الشابة المؤهلة لتسلم زمام المسؤولية. وهي بذلك إنما تحرر التنظيم من براثن الجمود والتكلس عن طريق الدفع بدماء جديدة، لا أن تتنازل إحدى القيادات الرمزية لأخرى من الجيل نفسه، والتي تعتمد سياسات وآليات للعمل عفا عليها الزمن وولى، فيتكلس بذلك كل خيوط التنظيم نظراً إلى جمود منهج رأس الهرم. لذلك، فإن مبدأ تداول القيادة في التنظيمات السياسية لابد أنيُعتمد ضمن المبادئ الأساسية وضمن الثوابت المنصوص عليها في الأنظمة الأساسية للتنظيمات ولوائحها الداخلية، وإن أرادت الصمود في الساحة وممارسة قواعد اللعبة السياسية بحنكة وحرفية تضمن لها الاستمرارية، فإنها يجب أن تعتمد سياسة التداول والتغيير والتطوير في تسمية قياداتها، لتتجنب أفول نجمها وزوال مجدها متى ما أفل وزال نجم القيادة الرمزية القديمة ومجدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق